عاد برادلي وروبرتسون... فبدا ليفربول أفضل
جيمس بيرس- نيويورك تايمز
Thursday, 06-Nov-2025 06:57

عندما بدأ موسم ليفربول في شهر آب، كان كلٌّ من الظهير الأيمن الإيرلندي الشمالي كونور برادلي والظهير الأيسر الاسكتلندي أندي روبرتسون، جالسَين يتابعان مجريات المباريات من المقاعد، لا يشاركان فيها.

مركزَا الظهيرَين كانا قد أُوكلا إلى الوافدَين الجديدَين الهولندي جيريمي فريمبونغ والمجري ميلوش كيركِز، اللذَين تعاقد معهما بطل الـ»بريميرليغ» ضمن حملة إنفاق صيفية قياسية بلغت قيمتها 450 مليون جنيه إسترليني.

 

كان برادلي يتعافى من إصابة في عضلة الفخذ الخلفية، تعرّض لها خلال فترة التحضير للموسم، في حين أُجبر روبرتسون (31 عاماً) على الجلوس على مقاعد البدلاء، بعدما قرّر المدرب الهولندي آرنيه سلوت النظر نحو المستقبل. وقد مرّ الاثنان بفترات طويلة من الإحباط في صراعهما لاستعادة مكانتَيهما.

 

فوز ليفربول في الدوري على أستون فيلا السبت، كان المرّة الأولى التي يبدآن فيها مباراة معاً منذ اللقاء الختامي للموسم الماضي في أيار. ومع احتفاظ سلوت بهما في تشكيلة الفريق خلال الفوز بدوري أبطال أوروبا على ريال مدريد الثلاثاء، أثبتا أنّهما جديران بثقة مدربهما، بعدما ساهما بفاعلية في تحييد ترسانة الفريق الإسباني الهجومية.

 

ما كان في السابق نقطة ضعف واضحة في صفوف ليفربول، تحوّل فجأةً إلى مصدر قوّة، إذ أصبح برادلي وروبرتسون عنصرَين أساسيَّين في ضمان نظافة الشباك في مباراتَين متتاليتَين، قبل مواجهة مانشستر سيتي، الأحد.

 

استحق برادلي تماماً تحية جماهير «أنفيلد» الليلة الماضية. ففي أول ظهور للظهير الأيمن الإنكليزي ترينت ألكسندر-أرنولد في الملعب منذ رحيله إلى ريال مدريد هذا الصيف، وسط جدل كبير أثار غضب العديد من المشجّعين، قدّم برادلي (22 عاماً) أفضل أداء في مسيرته حتى الآن.

 

بدأ الجناح البرازيلي فينيسيوس جونيور اللقاء واثقاً ومهاجماً، لكنّه فَقدَ الحماس تدريجاً، بعدما تمكن برادلي من تحجيمه تماماً. فَقدَ البرازيلي الخطير الكرة 20 مرّة خلال الـ90 دقيقة، ولم يُسدِّد أي كرة نحو المرمى. لعب برادلي بشراسة منضبطة، ففاز في كل تدخّلاته الثلاثة، وفي 8 من أصل 13 صراعاً ثنائياً (بنسبة 62%).

 

ومع ذلك، وبشكل غريب، منح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) جائزة رجل المباراة الرسمية إلى لاعب الوسط الأرجنتيني أليكسيس ماك أليستر، تكريماً لرأسيته الحاسمة، وهو قرار لم يتفق عليه حتى زملاؤه في الفريق.

 

وأقرّ روبرتسون لقناة النادي LFCTV: «نعم، كنتُ سأمنحها لكونور. ربّما أبدو متحيّزاً لأنّه ظهير، لكنّني رأيتُ أنّه كان رائعاً أمام أحد أفضل لاعبي العالم. لقد دافع ببراعة كبيرة أمام فينيسيوس. كونور موهبة مذهلة، والناس ينسون كَم هو صغير في السن. أُكرِّر عليه دوماً أنّ الأمر الآن يتعلّق بالثبات في المستوى. لطالما كان قادراً على تقديم أداء كهذا، لكنّ التحدّي هو أن يفعل ذلك أسبوعاً بعد أسبوع. الآن وقد أصبح يشارك بانتظام، يمكنك رؤية ثقته تنمو. كان ممتازاً أمام ريال مدريد الموسم الماضي (حين فاز ليفربول 2-0 في أنفيلد ضمن مرحلة المجموعات نفسها)، لكنّه كان أفضل الليلة. لدَيه كل المقوّمات ليكون الظهير الأيمن لليفربول لسنوات طويلة».

 

بعد أن وُصِف بأنّه خليفة ألكسندر-أرنولد ووقّع عقداً جديداً لمدة 4 سنوات في أيار، تأخّر «تتويج» برادلي. فلم يُعتبر جاهزاً لبدء المباريات حتى أواخر أيلول، في المباراة السابعة لليفربول، وعندما شارك أخيراً في التشكيلة الأساسية، واجه صعوبات في استعادة مستواه. واستُبدِل بين شوطَي مباراة تشلسي الشهر الماضي بعدما تلقّى إنذاراً غير ضروري؛ إحدى 5 بطاقات صفراء حصل عليها في أول 8 مباريات له هذا الموسم، وهو مؤشر إلى تهوّره وتسرُّعه في اللعب.

 

التبديلات المتكرّرة في مركز الظهير الأيمن لم تساعد ليفربول، إذ تدهورت النتائج. ومع معاناة فريمبونغ من إصاباته الخاصة، لجأ سلوت إلى لاعب الوسط المجري دومينيك سوبوسلاي ليشغل المركز موقتاً، لكنّ ذلك أضعف خط الوسط.

 

كان واضحاً أنّ استعادة برادلي للياقته الكاملة ستكون مفتاحاً لتحقيق استقرار أكبر في الدفاع، وكان لافتاً بعد مباراة فيلا أنّ سلوت تحدّث عن حاجة خرّيج الأكاديمية إلى إثبات قدرته على «اللعب بهذه الشدّة كل 3 أيام». وكانت مباراة مدريد أول مرّة يبدأ فيها في دوري الأبطال منذ آخر مباراة في مرحلة المجموعات في كانون الثاني الماضي.

 

منذ عام، كان في الـ21 من عمره، تألّق برادلي في مواجهة مدريد عندما أوقف كيليان مبابي بتدخّل حاسم صار حديث الجماهير، لكنّه بعد ذلك أمضى 6 أسابيع على الهامش، بسبب تمزّق في العضلة الخلفية. ومنذ ظهوره الأول في أيلول 2021، خاض 70 مباراة مع الفريق الأول، لكنّ مسيرته تعرّضت إلى الانقطاع مراراً بسبب الإصابات. الجدل حول قدرته على خلافة ألكسندر-أرنولد على المدى الطويل يتمحوَر أكثر حول متانته الجسدية، لأنّ موهبته لا شك فيها.

 

بعد المباراة، اعتبر سلوت أنّ «كونور كان مذهلاً. بعد 3 أيام فقط من لعبه 90 دقيقة أمام فيلا، خاض مجدّداً 90 دقيقة بكثافة هائلة أمام فينيسيوس. قلتُ للاعبين قبل المباراة إنّ مدريد سجّل 26 هدفاً في «لاليغا»، ومبابي وفينيسيوس لديهما معاً 29 مساهمة تهديفية في كل المسابقات. لذلك إذا أردتُ الفوز، فعليك الدفاع جيّداً في الكرات الثابتة، لأنّها أحد الطرق التي تُسجِّل بها الفِرَق، لكنّ اللاعبين العظماء يمكنهم التسجيل من لا شيء، وهذان الاثنان بالتأكيد قادران على ذلك. كونور دافع بشكل رائع أمام فينيسيوس».

 

إلى جانب قوّته الدفاعية التي أسعدت الجماهير، منح برادلي لليفربول سلاحاً هجومياً حقيقياً، بفضل انطلاقاته الذكية داخل الملعب وتمريراته المتقنة نحو أقدام المهاجم الفرنسي هوغو إكيتيكي.

 

أمّا على الجهة الأخرى، فكان أداء روبرتسون أقل لفتاً للأنظار، لكنّه لا يقلّ أهمية، إذ تعاون بشكل جيد مع الجناح الألماني فلوريان فيرتز، الذي مُنح الحرّية للتحرّك من الجهة اليسرى نحو العمق.

 

كان بوسع القائد الاسكتلندي مغادرة «أنفيلد» الصيف الماضي. فقد أبدى كل من أتلتيكو مدريد وميلان، وغيرهما، اهتمامهم به، بينما كان يدرس خياراته بعد تعاقد ليفربول مع كيركيز (21 عاماً) من بورنموث مقابل 40 مليون جنيه إسترليني.

 

كان يُدرك روبرتسون أنّ مكانه كعنصر أساسي في الفريق أصبح مهدّداً للمرّة الأولى منذ أن أخذ مكان الإسباني ألبيرتو مورينو بعد بضعة أشهر من انضمامه في موسم 2017-2018. لكنّه بدلاً من الاستسلام، قرّر البقاء والقتال. وكانت مكافأته منحه شارة نائب القائد، بعدما أقرّ سلوت بالاحترام الكبير الذي يحظى به داخل غرفة الملابس.

 

ومع ذلك، فإنّ ما كان يُريده روبرتسون حقاً هو الشعور بالحماس على أرض الملعب، والمساهمة في قيادة الإيقاع. وفي سنّه، لم يكن ليسمح بأن يتحوّل إلى مجرّد بديل ومشجّع.

 

كان عليه أن يتحلّى بالصبر، إذ منح سلوت كيركيز الفرصة ليُثبت نفسه. بدأ المجري أول 9 مباريات في الدوري قبل أن يُعاد إلى مقاعد البدلاء أمام فيلا، لكنّه مرّ بفترة تأقلم صعبة تُشبه إلى حدّ كبير ما واجهه روبرتسون عندما قدم من هال سيتي.

 

عدم استقرار كيركيز ساهم في أزمة ليفربول خلال سلسلة من 6 هزائم في 7 مباريات، والعودة إلى روبرتسون خلال الأسبوع الماضي تبيّن أنّها خطوة ذكية من سلوت.

 

ريال مدريد كان قد فاز في 13 من أصل 14 مباراة هذا الموسم، مسجّلاً 34 هدفاً خلالها. لكن في «أنفيلد»، لم يُتح له سوى تسديدتَين على المرمى، مع معدّل أهداف متوقعة (xG) لم يتجاوز 0,45.

 

وأوضح روبرتسون: «هذا الموسم كنا نضطرّ كثيراً لتسجيل 3 أهداف لنفوز بالمباراة. لا يمكنك الاستمرار بهذه الطريقة، فهذا غير قابل للاستدامة. الأمر يتعلّق بالتحكّم في إيقاع اللعب، وأعتقد أنّنا استعدنا ذلك في المباراتَين الأخيرتَين. من الرائع أنّنا بنَينا على ما قدّمناه السبت. منذ الدقيقة الأولى كنا حاضرين تماماً، نعمل بجد من أجل بعضنا البعض، نحاول مساعدة زملائنا، وكان المستوى الفني عالياً أيضاً. حارسهم ساعدهم في إبقاء النتيجة منخفضة. الآن المهم أن نصبح أكثر ثباتاً. لدينا مباراة ضخمة الأحد. بذلنا مجهوداً كبيراً هذا الأسبوع بالفعل، لكنّنا سنتوجّه إلى هناك بثقة».

 

تمكّن الخصوم في الأشهر الأولى من هذا الموسم من استغلال الأطراف في دفاع ليفربول كثيراً. لكن مع تحرّر برادلي من القيود وعودة روبرتسون إلى مستواه المقاتل، يبدو الفريق الآن مختلفاً تماماً في تلك المناطق.

الأكثر قراءة